...

...


بعد يوم إجازة كله لعب وتنطيط مع صحابي روحت هلكانة جدا بس كنت مبسوطة اوي لاني واخيرا اتجمعت مع صحابي بعد طول غياب .. رغم اننا كبرنا بس لسه جوانا روح الطفولة 

أيوة باقيلنا سنة ونتخرج من الجامعة ولسه بعفويتنا وبنلعب وبنتنطط لما بنشوف بعض وبنفتكر ايام الطفولة 

ماهو دا الطبيعي بعد ما الجامعة فرقتنا ، اللي في علاج طبيعي واللي في اسنان واللي معايا في علوم ..

بس برغم دا كله المحبة بيننا لسه زي ما هي .. 


رجعت البيت يادوب صليت وأكلت على السريع واخدت مخدتي في حضني ونمت نوم عميق ، حلمت حلم غريب اوي ليلتها 

كنت باضحك وباتكلم ، كأني بكلم نفسي باوجهلي رسالة ، مش فاكرة تحديدا هي أي بس فاكرة ان كان فيه عكاز في إيدي وكنت ببصله بنظرة انتصار ..


صحيت من النوم على صوت المنبه .. كان الفجر وقتها بيأذن صحيت وباتوضأ ولما خلصت وضوء وقعت على ركبتي .. اتوجعت بس مش اوي يعني 

بابا وقتها كان صاحي عشان يصلي الفجر في المسجد ، سمع الصوت فجالي بسرعة يشوف في اي لقاني واقعة على الأرض وبحاول اقف 

اتفزع وسمى الله وساعدني عشان اقف .


قلتله متقلقش جت سليمة هصلي وانام روح انت بقا اصل تتأخر على الصلاة 

قالي متأكدة ؟ قلتله أيوة متأكدة .. 


صليت وقرأت الورد اليومي وخلصت وروحت انام 

عدى ساعة وصحيت بسبب الوجع المميت اللي حسيت بيه في رجلي ،لا حقيقي مقدرتش استحمله ومش قادرة اقف حتى ولا احرك رجلي ابدا 

بقيت بعيط من الوجع .. نديت على بابا بسرعة .


جالي وساعدني اتحرك 

الوجع مكنش طبيعي اللي هو مش هيروح لو اخدت مسكن .. 

ماما جت على صوتي اللي باين عليه التعب واخدتني وروحنا للدكتور 

اول ما ضغط على رجلي أنا صوتت ومقدرتش استحمل 

ضغط مرة تانية على كام مكان محددين عشان يشوف مصدر الوجع 

طلب أشعة كتير وانا كل اللي في بالي انه اكيد كسر ، طلعت الإشاعة ورجعنا للدكتور ، شافها وبعدها طلب تحاليل وحاجات كتير بعدها حولني على اقرب مستشفى عشان اكون تحت عناية .. كل دا واحنا مش فاهمين حاجه 

بابا سأله عن السبب 

قاله انه شاكك في حاجة كدا وحابب يتأكد وان شاء الله كل اللي يجيبه ربنا خير ..

بابا قاله أيوة يعني اي مش فاهم وضح كلامك يا دكتور ..

قاله استنى بس بكرا لما التحاليل اللي طلبتها تطلع وهطمنك .


الليلة دي أنا مش عارفة عدت ازاي ، اخدت كمية مسكنات عشان تخفف الوجع بس مفيش فايدة 

واخيرا نمت ساعتين بالعافية .


التحاليل طلعت وكان لازم اروح للدكتور ... اتسندت على مامتي لعند ما وصلنا 

عيادته الخاصة لانه وقتها مكنش موجود في المستشفى .. المهم الدكتور اخد التحاليل والاشعة ولما شافهم ملامحه اتغيرت تماما 


بابا بيقوله ها يا دكتور طمنا في اي ، دا كسر ولا اي !


راح بصلنا وقال ان شاء الله كل حاجة هتبقى كويسة وطلب من بابا انه يكلمه على انفراد .. مش عارفة أنا ليه حسيت انه عاوز يقوله حاجة تخصني ماهو اكيد فيه حاجة في التحاليل والأشعة بس كانت أقصى تخيلاتي انه مثلا هيكون فيه كسر ومحتاجة عملية ..


طبعا انا معرفش اي الحوار اللي دار بينهم خالص .. 

بابا رجع وملامحه متغيرة وعيونه باين فيهم الدموع 

أنا أول مرة اشوفه بيعيط أو على وشك انه يعيط 


رجعنا المستشفى وماما عاوزة تعرف في اي .. 

المسكنات بدأت تعمل مفعول والألم بقى اقل شوية.


بابا دخل الاوضة اللي أنا محجوزة فيها وبيقولي عاملة اي دلوقتي 

قلتله احسن شوية يا بابا ها هامشي من هنا ايمته ، أنا اتخنقت من الجو دا ..


مريم .. أنا ربيتك على حب الله وعدم الاعتراض على قضائه ابدا .. مش كدا !! 


_ أيوة يا بابا والحمد لله على كل شئ 


طيب انتي عارفة ان الشخص اللي ربنا بيبتليه بيكون اي عند ربنا ؟ 


_ طبعا بيكون من احب العباد لربنا وعشان كدا ربنا ميزه عن غيره وحب يختبر صبره .


تماما .. يعني الشخص المبتلى محظوظ ودايما بنقول يا بخته ربنا بيحبه 


_ أيوة فعلا يا بخته ربنا بيحبه 


وانتي ربنا بيحبك يا مريوم ، عشان تعرفي اد اي انتي غالية عند ربنا ، حب يختبر صبرك يا بنيتي .


_ مش فاهمه 


مريم ، استعيني بالله واسمعي اللي هقوله .. مش هقدر اخبي عليكي وفي نفس الوقت أنا عارف انك ادها وهتتخطيها .


_ قول يا حبيبي 


الدكتور بلغني ان عندك ورم في رجلك اليمين .. ورم خبيث ، محتاج كام جلسة كيماوي وان شاء الله هترجع زي الاول ..


ماما وقت ما سمعت الخبر مقدرتش تقف على رجلها وبدأت تعيط وتقول لا ازاي دا مش معقول !! 


أنا افتكرت كلام بابا وسبحان من ثبتني وقتها وقلت الحمد لله .. 


بابا باسني من راسي وقالي انتي بنتي الوحيدة وأنا فخور بيكي ... فخور بكل حاجة عملتيها ولسه هتعمليها وانا معاكي ..


وكلم ماما وقالها انتي زعلانة ليه !! دا دليل على حب الله لبنتك .. في ام تزعل ان ربنا بيحب بنتها ؟


معرفش السكينة اللي نزلت على قلبي وقتها سببها اي 

ممكن لان عندي أعظم اب في الدنيا ومهدلي الموضوع ورباني على حب الله وعدم الاعتراض على قضائه ولا عشان انا فعلا ربنا بيحبني فثبتني .. مش عارفة بس في كلا الحالتين الحمد لله.


بقالي يومين غايبة عن العالم وصحابي اكيد قلقانين عليا .. فتحت الموبايل لقيت مكالمات كتير اوي منهم بس انا حرفيا مكنتش قادرة اتكلم 

فبعتت لصحبتي على الواتساب وقلتلها تطمن أنا بخير ،بعدها فتحت جوجل وبحثت عن التعب اللي عندي دا 

وعن اعراض الكيماوي لأن كل اللي اعرفه انه بيوقع الشعر ليس إلا ، طلعلي صور أشخاص عندهم نفس الموضوع 

وكانت معظم النتائج إيجابية وانهم خفوا بسرعة 

قلت الحمد لله .

التعب اشتد في رجلي ومقدرتش استحمل تاني ومبقتش طايقة آخد اي مسكن .. كل دا وانا في المستشفى 

بابا كلم الدكتور فجالي وقال خلاص هنبدأ اول جرعة كيماوي بكرا ان شاء الله ..


متقلقيش يا مريم .. الجرعة هتكون بسيطة .


_ ان شاء الله يا دكتور ، كنت عاوزة بس أسأل حضرتك 

الكيماوي ابيض ولا احمر ؟ 


والله يا مريم احنا هنجرب الأبيض الاول ونشوف لو جاب نتيجة يبقى كويس جدا لو مجابش فعندنا الاحمر ..


( فيه فرق بين الكيماوي الابيض والاحمر كنت قرأته امبارح 

الابيض : مش بيكون ليه اعراض تعب جامدة بيوقع الشعر بس مش كله ، بيحرق في الدم بس مش اوي ..

الاحمر : بيوقع الشعر تماما وبيغير الملامح .. بيغير كل حاجة ) 


_ يا دكتور أنا لسه لدلوقتي مش فاهمه حاجة .. أنا كنت باتوضا ووقعت بس .. ازاي ظهر مرة واحدة المرض دا وازاي أنا محستش بيه قبل كدا ؟ 


دي من رحمة ربنا سبحانه 

لو كنتي اتأخرتي كمان يومين بس كان هيوصل لأجزاء تانية من رجلك 

انتي محستيش بأعراضه لانه خبيث ،بس ربنا قدر انك تقعي على رجلك دي وتيجي هنا عشان نلحقك .


_ سبحان الله ...

ماما قالت الحمد لله على كل شئ .. وطلبت من الدكتور يكتبلي أي حاجة تسكن الوجع لبكرا ..


مش هخبي عليكم ، أنا كنت خايفة اوي من بكرا 

كنت خايفة من لفظ كيماوي 

مرعوبة بكل ما تعنيه الكلمة 

جو المستشفى نفسه كان مسببلي حالة فزع .. أنا حيوية مبحبش الحبسة دي 

دايما باتحرك .. بروح وباجي 

باتنطط كمان .. بس أنا حاليا مش قادرة احرك رجلي فعلا 


مش عارفة ليه قولت لماما تساعدني اقوم .. كنت عاوزة اتوضا واصلي قبل ما انام 

ساعدتني اقوم ولحسن الحظ أوضتي كان فيها حمام وقريب كمان من السرير ..


اتوضيت وصليت وانا قاعدة وقتها ماما خرجت من الاوضة عشان تكلم خالتو 


صليت وناجيت ربنا وشكرته انه بينلي حبه ليا بالابتلاء دا 

ودعيت انه يقويني ويصبر بابا وماما لو حصلي حاجة ..


بكرا خلاص جه ودا وقت الجرعة .. بابا وماما كانو معايا وفضلوا يضحكوني قبل ما الدكتور يوصل .. وصلولي انهم واثقين اني ادها ودا خلق جوايا شعور التحدي ..


الدكتور وصل وجهز كل حاجة 

أنا نمت وكنت باتمنى اني محسش بأي حاجة 


اول مرة آخد محلول واول مرة اخد حقن في عروقي كدا اصلا .. أول نقطة كيماوي دخلت جسمي كانت زي مية النار اللي لما بتنزل على حاجة بتفتتها وبتحللها 


أيوة دا كان شعوري .. دموعي نزلوا ، فتحت عيوني بوجع ولقيت تعبيرات بابا وماما اللي كلها حزن لما شافوا منظري .. تلقائيا ابتسمت ومسكت ايد ماما وقلتلها دا زي المحلول العادي اهو .. 


كنت بتألم وقتها اوي بس ألمي أهون عليا من اني اشوف نظرة زعل في عيونهم ..

انا بنتهم الوحيدة اللي جيت بعد طول صبر .. كنت ثمرة دعائهم في كل سجدة ، عمرهم ما حرموني من اي حاجة ومبخلوش عليا بابتسامة حتى ، أنا فاهمه كويس اد اي هما بيتألموا من وقت ما عرفوا عن تعبي دا ، وعارفة ان بابا بيتظاهر قدامي بالقوة بس من جواه بيتمنى يكون مكاني ..

خلصت الجلسة ومحستش بأي حاجة .. جسمي نمل ومش فاكرة غير اني كنت باترعش جامد وبعدها نمت.


عدي 5 ايام وانا في المستشفى .. صحابي كانو بيحاولوا يتواصلوا معايا بس مكنتش باقدر اتكلم وبصراحة مكنتش عوزاهم يعرفوا حاجة 

عشان ميقلقوش وكدا .. بس عرفوا في الاخر واتفاجئت بيهم وهما جايين المستشفى كمان .. كان شكلي بدأ يتغير ، وشي اصفر وعيوني تحتهم سواد ، 

اتفاجئو وبان عليهم الزعل بس كانوا بيدعموني واثبتولي اني فعلا قدرت اختار صحاب بجد .. قالولي اني قوية وادها وان ربنا بيحبني 

نفس اللي قالهولي بابا 

وانا كنت باضحك وببتسم من الكلام وقلتلهم متقلقوش يا رجالة انا بخير ورجعالكوا بقوة كمان .. 


الدكتور وصل عشان يتابع حالتي النهارده ، قال إن نتيجة الجرعة هتظهر بعد ساعات .. وبدأ يشجعني اكتر ويحفزني وانا كنت باخد كلامه كعامل محفز ليا اني اكمل الطريق وميأسش ايا كانت النتيجة اي .. 


طلبت من ماما وبابا يروحوا البيت ويرتاحوا لأنهم بقالهم اسبوع متمرمطين معايا بس كالعادة رفضوا 


النتيجة ظهرت والدكتور رجع من تاني وقال للاسف الكيماوي الابيض مأثرش فلازم نتجه للاحمر بسرعة عشان الورم بدأ ينتشر فلازم نحجمه .. 


الاحمر !! خفت بصراحة بس اخدت الموضوع كأنه تحدي مع نفسي ..


عدت الايام واخدت اول جرعة 

مش هقولكو على كمية التعب والألم .. كنت بانزف دم من مناخيري باستمرار ..


صحيت لقيت شعري واقع بطريقة لا تطاق على المخدة 

مسكت المراية وبصيت على شعري وطلبت من صحبتي تاخدلي كام صورة بيه قبل ما يقع كله .. 

نظرات ماما كل ما بتشوف خصلة من شعري على السرير أو في الحمام كانت بتوجعني اوي ، أنا نفسي كنت بتوجع من المنظر ونفسيتي بدأت تتراجع 

رموشي كمان بدأت تقع وملامحي بقت باهته ..


دي الجرعة التالتة ليا 

وكنت ببقى رايحة كأني هتجلد أو هتعاقب ، 

احساس صعب ومتعب اوي مش هقدر اوصفه .. 


بابا قعد معايا كالعادة بس المرة دي قالي 


مالك يا بنيتي ، شايفك بدأتي تيأسي كدا ..


_ لا يا بابا مش يأس بس تعبت شوية .. وبصراحة زعلانة على شعري دا ..


هه .. مش كنتي بتطالبي بالمساواة بين الشاب والبنت .. الشاب بيحلق شعره دايما وبرضاه وانتي زعلانة عشان شعرك بيقع .. فين المساواة اللي انتي عوزاها دي بقااا يا ستي !! 


_ههه .. ياربي عليك .. فصلتني والله .


الدكتور اقترح على بابا اني اقص شعري كله لان طول مانا شيفاه بيقع ادامي كدا هيأس وهدخل في حالة نفسية .. 


بابا مهدلي الموضوع واقنعني بصراحة وقال انه هيطول من تاني وهارجع زي الفل ..

كان قرار صعب اوي بس عملتها وقصيته واتفاجئت ان بابا حلق شعره خالص هو كمان عشان يساندني .. 

حضني جامد وقالي انتي نعمة ربنا ليا وبطلتنا كلنا .. شفاك الله يا بنيتي ..


عدى ٣ اسابيع وانا في المستشفى وزهقت اوي 

صحابي دايما كانوا عندي واهلي مفرقونيش ثانية واحدة ..

الوجع اشتد اوي في رجلي من تاني وحسيت ان فيه حاجة هتحصل .. كأن الكيماوي الاحمر مجبش نتيجة .. اي اللي ممكن يحصل أسوأ من اني اخسر شعري ورموشي وملامحي 

واني ابقى زي الهيكل العظمي كدا .. اكيد مفيش أسوأ .. 


من شدة تعبي في اليوم دا اتحجزت في العناية ، أنا فاكرة اني فتحت عيني لقيت أجهزة كتير اوي على جسمي وكنت سامعة صوت الدكتور بيقول هاتو اكسجين بسرعة وبعدها مش فاكرة أي حاجة ..


فتحت عيني لقيت ماما وبابا وصحبتي كانت ماسكة ايدي وكان باين عليهم انهم معيطين اول ما فتحت لقيت صحبتي قالت مريم صحت ... مريم صحت ، ماما قامت بسرعة وجت عندي وباست ايدي وراسي وقالت الحمد لله وبابا كذلك وقعدوا يعيطوا .. كنت بحاول اتكلم واقول اي حاجة بس حرفيا مقدرتش .


اللي فهمته بعدها اني كنت في غيبوبة بقالي شهرين والمدة دي كلها كنت في العناية بين الحياة والموت ..


يااااه شهرين !! 

محستش بحاجة .. كأني كنت نايمة ساعتين مش اكتر .

الدكتور جالي اول ما عرف اني صحيت قالي حمدالله على سلامتك يا بطلة ..


كانت ملامحه بتقولي أنه عنده خبر مش حلو معرفش ليه .. بس أنا كنت تايهه ومقدرتش اتكلم حتى .. طلب من الكل أنهم يسيبوني ارتاح وطمنهم ان حالتي احسن ..


بابا كان بيتكلم مع الدكتور 

وفهم منه ان الورم مش بيتحجم خالص ومفيش غير حل واحد واعتذر لبابا وقاله لازم البتر ..


بتر !!!!!


وقال ان القرار يرجعلنا ، بس البتر هو الحل الافضل قبل ما ينتشر في الساق كلها ويبقى كدا الجزء السفلي كله في حالة خطر ..


بابا حبيبي كان هيحصله حاجة لما سمع الخبر ورجع لا حول له ولا قوة وبلغ ماما الخبر ..


ومش عاوزة اقولكم بقا حالتها عملت ازاي ، صحبتي هي اللي حكتلي كل دا بعدين بس أنا قدرت اتخيل شكلهم وتعابير وشهم كمان ..

أنا فضلت يومين تايهه بعد ما خرجت من العناية ، حسيت بأشخاص كتير كانو حواليا ..

كنت بافتح عيوني بلاقي صحابي واهلي ، ببقى متطمنة من جوايا ومش هخبي عليكم أنا كنت حاسة ان دي النهاية واني هموت خلاص ..


لما صحيت كنت عاوزة اقوم 

كان نفسي امشي على رجلي من تاني وأخرج 

كنت عاوزة اشوف شكلي بقا عامل ازاي ..

لما قولت لماما أنا عاوزة امشي من هنا بقا ، البيت وحشني قالت هانت يا حبيبتي هنمشي قريب ..


كنت عاوزة أكمل الايام الباقية ليا دي مع اهلي وصحابي .. مبقتش طايقة اي أدوية خلاص ، وقلت ان الكيماوي دا معدش هيدخل جسمي تاني .. دا دمرني .


جه اليوم الموعود اللي بابا قرر يصارحني فيه ويقولي على البتر .. 


قعد يمهدلي الموضوع ومسك ايدي اللي كانت شبه هيكل عظمي قالي هانت يا بطلة ، مش عاوزة ترجعي بقا البيت والجامعة 

كل دكاترتك بيسألوني عليكي .


_ ياريت يا بابا عشان خاطري خرجني من هنا ، انا خلاص مش قادرة اتحمل اكتر ..


قالي هنخلص كل حاجة بس هسألك سؤال ..

لو فيه شخص مكتوبله سعادة وراحة بال ورضا كبير اوي مقابل انه يتخلى عن حاجة في حياته .. يتخلى ولا يفضل يعاني طول عمره !


_ والله على حسب الحاجة دي بالنسباله اي ..


لو اتخلى عنها يقدر يعوض مكانها بشئ بديل هو صحيح مش هيكون زي اللي اتاخد منه بس هو موجود وعوض ربنا افضل بكتير ولا اي ! 


_ طبعا ونعم بالله .


يا مريم انتي قوية ولو أنا مش واثق في قوتك وصمودك أنا مش هقولك الكلام دا يا بنيتي ..


_ قول يا بابا اللي عندك .. لو فيه حاجة أسوأ هتحصل قول متقلقش ..


لازم تعملي ... تعملي بتر لرجلك يا مريم ومتقلقيش هتركبي طرف صناعي .. هتمشي من تاني .


أنا انهارت 

_.. بتر ! لا طبعا مش هعمل بتر 

أنا عارفة يا بابا اني هموت كدا كدا ، فسيبوني اموت كاملة ، أنا مستحيل اعمل بتر .

أنا مستحملة بقالي شهور .. تعب وعياط وأدوية وكيماوي 

كنت بحارب عشانكم بس واضح ان مفيش امل في حالتي والدكتور نفسه باين عليه كدا .. ف ليه هتعذبوني يا بابا ، عشان خاطري رجعوني البيت أكمل الايام اللي بقيالي هناك معاكوا ووسطكوا مش مع المحاليل والأدوية .


يا مريم يا حبيبتي ، متقنتيش من رحمة ربنا .. انتي صبرتي كتير وخلصتي شوط كبير متجيش في اخر جزء وتيأسي ..

ربنا قال ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة .. 


_ تعبت والله تعبت 


فكري يا مريم مع نفسك وارتاحي ونكمل كلام بكرا .


بابا خرج وسابني ارتاح .. هديت شوية ونمت ،

حلمت نفس الحلم .. كنت أنا ومعايا عكاز وببتسم ،المرة دي ركزت على رجلي لقيت طرف صناعي .. حسيت ان دي إشارة من ربنا اني اوافق على البتر ..


صحيت الصبح وقولت لبابا خلاص انا موافقة .. فرح وقال ان شاء الله ربنا هيعوضك يا بنتي ، وماما كانت ماسكة ايدي وبتحضني وقالتلي انتي احلى واجمل بنوتة في الدنيا ..


مع ان ملامحي اتغيرت تماما وكنت مش انا اصلا بس كانو بيحسسوني اني ملكة جمال .. 


المهم بصيت على رجلي كويس قبل ما ادخل العمليات 

مانا هخرج برجل واحدة مش اتنين وغصب عني دموعي نزلوا وعيطت وكلهم عيطوا حتى بابا عيط عشاني ..

احساس صعب اني هفقد جزء مني خلال ساعات وبالرغم من كدا كنت حاسة اني مش مطولة بس قولت أنا هعمل العملية عشان اهلي ميحسوش بالذنب تجاهي ويقولوا أنهم قصروا في علاجي ..


اخدت البنج ومحستش بأي حاجة بعدها .. كنت في عالم تاني حلو اوي ،السما زي مانا بحبها صافية وفي هوا لطيف وكمان فيه ورد من اللي بحبه ولقيت جدتي واقفة على جسر وكانت لابسة ابيض ، هي اتوفت من وانا صغيرة بس أنا لسه فاكراها كانت بتحبني اوي وانا بعشقها وكان نفسي تكون موجودة في حياتي 

كانت بتضحكلي .. سمعت صوت حد بينادي عليا بس مش عارفة أحدد مين ،

طلع صوت ماما بتحاول تصحيني لان كنت بفوق من البنج لسه بعد ما العملية خلصت .

عدى ساعات ، فوقت خلاص لقيت صحابي واهلي حواليا 

كلهم بيقولولي حمدالله على سلامتك يا بطلة ، ابتسمت وحسيت اني مش لوحدي .


بعدها افتكرت البتر وحبيت اشوف رجلي دلوقتي عاملة ازاي ، ماما قالت لا خليكي مرتاحة شوية وكانت عنيها مليانة دموع .

اخدت نفس عميق قبل ما اشوف المنظر وكنت باتمنى اني اكون قوية في اللحظة دي ..


كنت باترعش ، صحابي كانو جمبي ومسكو ايدي وطمنوني .. لما شفت رجلي 

ملقتهاش .. ملقتش غير رجل واحدة ، جالي هلع من المنظر وبدأت اعيط عياط هستيري ..


الموضوع صعب .. صعب لفوق ما تتخيلوا ،انا اغمى عليا من المنظر ورجعت حلمت تاني 

بنفس الحلم 

كنت ماسكة عكاز وباضحك 

استغليت الفرصة وسألت نفسي بتضحكي على اي !! 


_ بضحك من فرحتي بعوض ربنا .. عشان صبرت ومجزعتش .


 انتي رجلك اتبرت ، بتضحكي بجد !! 


_ رجلي اي دي ، فكرك لو كانت رجلي لسه معايا كنت هابقى بالفرحة دي دلوقتي!! 

بكفاية اني عرفت قيمتي في حياة ناس كتير ، اكتشفت اني عندي احسن أهل واجدع صحاب .. حتى اللي ميعرفونيش حبوني وحضننوني في دعواتهم بفضل ربنا ثم صحابي ..

بكفاية اني بطلة وحاربت 

وربنا بيحبني هحتاج اي تاني!! 

رجلي !! ياريت لو كنت خسرت التانية كمان يا ستي عشان ابقى سعيدة اكتر من كدا .. احتسبي واصبري 

ان الله مع الصابرين ..


الحلم دا ريحني اوي وخلاني اتقبل الفكرة وشكرت ربنا انه بعتلي الحلم دا .


فضلت نايمة حوالي سبع ساعات بسبب المهدئات اللي الدكتور حطهالي في المحلول .. صحيت مكنتش مركزة اوي ..

لقيت بابا نايم على الكرسي وصحابي على الأرض وماما ماسكة المصحف بتقرأ فيه 

ولقيت نور صحبتي ماسكة ايدي اول ما صحيت ضحكتلي وقالتلي صح النوم 

مكنتش قادرة ارد عليها بس ابتسمتلها ..

قالتلي وحشتيني اوي ، انتي اجدع بنت عرفتها واحلى صاحبه وأشجع محاربة ، بحبك يا مريوم . 


كلامها خلاني اعيط


_ بس بس دانتي قنبلة كآبة يا شيخة .. تفرحي تعيطي ،تزعلي تعيطي 

اييييه اهدي بقا والنبي لتضحكي ..


ضحكت مع اني مكنتش قادرة .. بابا صحي على صوتها وكذلك ماما وصحابي 

بصولي كلهم بحب وقالولي حمدالله على السلامة ..


بابا قالي ها .. مش يلا بقا نمشي من هنا !! 


أنا فرحت ،فرحت اوي وهزيت راسي بلهفة وقلت أيوة عاوزة امشي بس بصوت ضعيف ..


ماما قالت هنمشي كمان كام يوم يا قلبي بس لعند ما تخلصي المحاليل وتقدري تتكلمي ..


كان نفسي اليومين دول يعدوا بفارغ الصبر ، خلالهم كنت بحاول آكل واشرب من تاني بعد ما كنت معتمدة على المحاليل في أكلي .


كنت اتعرفت على واحدة في نفس المستشفى هي كمان مريضة كانسر ، كانت بتشجعني اوي ، مع ان حالتها مكنتش سهلة بس كانت مبتسمة دايما وبتعطي للكل طاقة إيجابية .. كان اسمها تقى عندها كانسر في الدم ..

طبعا متقابلناش بقالنا اكتر من شهرين لاني كنت في غيبوبة ومعرفتش عنها حاجة 

سألت ماما عليها قالتلي انها كويسة .. 

قلت لماما اني عاوزة اشوفها اوي لأنها وحشتني وكمان عاوزة افرحها واقولها اني اتقبلت الفكرة خلاص ومستسلمتش ، ماما قالت إنها راحت لمستشفى تانية ومتعرفش عنها حاجة ..


زعلت اوي وقتها بس قولت لعله خير ، اهم حاجة انها تبقى كويسة .


الطرف الصناعي باقيله كام يوم لعند ما يوصل ..

فحاولت امشي باستخدام العكاز ، اول مرة وقعت 

تاني مرة وقعت ، التالتة بدأت اتسند عليه بالطريقة الصح ، وفضلت احاول لعند ما نجحت وكنت ببتسم وابص لماما اللي عيونها كلها حزن عليا .. كنت بقولها ها اي رأيك فيااا وبحاول أخرجها من جو الزعل دا .. 


الدكتور جالي وقالي اي الجمال دا ، براڤو عليكي يا مريم أنا فخور بيكي ..


_ ربنا يخليك يادكتور .. متشكرة جدا على كل اللي عملته معايا .. أيوة صح كنت عاوزة اسألك عن تقى هي راحت مستشفى اي؟ 


الدكتور ملامحه اتغيرت فجأة وبص لماما وقال تقى !!! 

بصي يا مريم الدنيا دي مؤقتة واحنا فيها مجرد عابري سبيل ..


أنا عيوني دمعت وقولتله أيوة فين تقى !! 


رد وقالي ربنا اخد امانته من تاني وتقى ارتاحت ..


_ لاااااا .. ماتت !!!! 

عيطت اوي لدرجة ان قلبي كان هيقف ، قالي انها كتبتلي رسالة وبعت الممرضة جابتها وسبهالي ، قالي ادعيلها ومتعيطيش 

هي بطلة وهي اللي انتصرت ، فازت بالجنة وان شاء الله تبقوا صحبة هناك بعد عمر طويل ..


ماما حضنتني وقالتلي مقدرتش اقولك لأن عارفة انك بتحبيها ،اصبري يا بنتي وادعيلها .. قلت لماما تسبني شوية لوحدي 

فتحت الرسالة وأيدي بتترعش..


" مريومتي .. انتي حاليا في العناية المركزة ، واثقة انك هتقومي وهتقاومي زي ما وعدتيني ، افضل فترة ليا في المستشفى دي هي الفترة اللي قضيتها معاكي ، اعتبرتك بمثابة الاخت قبل الصديقة ، خصالك طيبة وروحك نقية واهلك ونعم الأهل ، ضحكتك جميلة زي قلبك وكان ليا الشرف ان الحياة عرفتني عليكي ، يمكن وانتي بتقرأي الرسالة دي اكون متت خلاص،مش هخبي عليكي أنا حاسة بالموت ومش خايفة ومش عوزاكي تخافي منه ابدا ولا تزعلي اني مشيت ، مفيش حاجة اسمها موت اساسا ، انا روحي معاكم جسمي بس اللي مات لكن الروح لا ، 

أنا حاربت واتحملت كتير يا مريم عشان اهلي وعشان نفسي بس لا راد لقضاء الله 

وكلنا جنائز مؤجلة ، اهم حاجة اني عملت اللي أقدر عليه وحاربت بكل طاقتي وانتي كمان اوعي تيأسي 

وخليكي قوية زي ما اتفقنا 

وافتكريني دايما .. احبك في الله يا جميلة القلب .. مش عارفة اقولك اي تاني ، كان نفسي اودعك بس يلا تتعوض في الجنة بعد طول عمر ليكي .. سلام 


(تقى) "


قلبي كان بيتعصر من كلامها 

وفضلت اعيط ، مكنتش متوقعة اني هقوم ملاقكيش يا تقى والله ، ربنا يجمعنا قريب ، ربنا يجمعني بيكي يا صحبتي ، ربنا يرحمك ويجعل تعبك في ميزان حسناتك ويصبر اهلك ويصبرني .. 


عدى يومين وانا في حالة اكتئاب .. صحابي كانو بيحاولوا يخرجوني من جو الزعل دا بس تقى مكانتش مفارقة بالي لحظة.


حاولت أخرج نفسي من الجو دا عشان خاطر ماما وبابا ، 

كنت باضحك وبتظاهر بالقوة مع ان في خراب كبير جوايا ..


كنت ببص على رجلي وأشوف الكوتشي بتاعي اللي كان جمب السرير ، دلوقتي هالبس واحد بس والتاني مبقتش هلبسه ، حتى لما اروح اشتري اي جزمة هجيب واحدة استعملها والتانية هرميها .. يااااه .. 


الصبر يارب الصبر .


الطرف الصناعي وصل اهو واخيرا والدكتور ركبهولي وعلمني ازاي اتعامل معاه 

ورجعت وقفت على رجلي من تاني ومشيت لوحدي كمان بس كنت محتاجة العكاز لسه عشان امشي بطريقة سوية ..


خرجت من المستشفى واخيرا ، نفس عميق في الهوا ..

خلاص خلصت من جو التعب والمحاليل والكيماوي ، خرجت وبصيت على المستشفى من برا وضحكت ضحكة الانتصار ، عملتها أيوة عملتها وفزت وزي ما بابا قال ربنا هيعوصني ..


لما رجعت البيت كنت حاسة اني غبت عنه عشر سنين 

باب البيت اتفتح لقيت كل اللي اعرفهم في حياتي هناك ، متجمعين كلهم بيرحبوا بيا وفيه بلالين كتير وتورتة مكتوب عليهم مريم البطلة ... فرحتي كانت بالدنيا كلها ، فعلا عوض ربنا كبير .


مش بيقولوا الدعاء بيغير القدر !! أنا قدري اتغير بفضل دعوات الناس دي كلها ، مع اني كنت خلاص بموت فعلا وسبحان من نجاني ، رجعت لحضن ماما من تاني ..


حبيت أوجه رسالة لكل اللي كانو في الحفلة ..


بابا سندي وصديقي .. من غيرك أنا ولا حاجة انت أعظم اب في الدنيا .. شكرا لانك اخدت بإيدي ودايما كنت بتحفزني .. اسفة لكل دمعة نزلت من عينك .. أنا بقيت بخير بفضل ربنا ثم بفضلك .


ماما حبيبتي اللي شايلة همي لدلوقتي ، عاوزة اقولك متخافيش عليا انتي بنتك مش اي بنت ، أنا بخير شكرا لوجودك من غيرك أنا ولا حاجة ، بحبك 


صحابي أنا عرفت يعني اي الصديق وقت الضيق لما كنت باصحي بالليل الاقيكوا حواليا ، أنا عمري ما هندم على معرفتكم ابدا ، لو لفيت الدنيا كلها مش هلاقي صحاب بنكهة الأهل زيكوا كدا ، أنا محظوظة بيكم ، ربنا يديم وجودكم ونكون صحبة في الجنة بعد عمر طويل .. بحبكوا .


اهلى وجيراني اللي موجودين هنا .. دعواتكم كانت السبب في اني ارجعلكوا من تاني ، شكرا ليكم ..


في النهاية حابة اقول ان الابتلاء فعلا اشارة لحب ربنا لينا ، مش شرط يكون عقاب ابدا ، الدنيا دار ابتلاء فلازم نصبر ، احيانا ربنا بيبتلينا عشان يكشفلنا حقائق مكناش عارفينها أهمها اد اي الإنسان ضعيف .


وانا قاعدة وسطهم شريط حياتي لف ادام عيني من اول الليلة اللي كنت باتنطط مع صحابي فيها واد اي كنت مبسوطة وبعدها وقعت وروحت للدكتور واكتشف الورم .. جلسات الكيماوي وبعدين البتر وبعدها فقدت صديقة غالية واخيرا أنا هنا وسط اهلي ، الطرف الصناعي لما كنت ببصله كنت ببقى فخورة بنفسي أيوة دا رمز شجاعتي ورمز انتصاري .

لعلمكوا أنا الشئ اللي رجعني مش بس دعوات الناس لا دي صلواتي اللي بابا علمني اواظب عليها من صغري لان من شب على شئ شاب عليه ، قربي من ربنا هو اللي صبرني هو اللي بعتلي رسايل على هيئة احلام عشان اقاوم ..

ربنا جميل اوي ورحمته كبيرة ، السرطان مش نهاية الحياة لا دا بداية لحياة مختلفة كلها صبر ورضا وحب الله .. 

ايوة التحاليل طلعت سلبية ومعدش فيه اثر للمرض وانا انتصرت ..


أنا مكنتش مهتمه بمستشفى السرطان ولا حتى بأصحاب الهمم اللي أنا بقيت واحدة منهم ، بعد اللي حصلي بقيت مواظبة على التبرع ليهم وزيارتهم وقدرت اخفف عن ناس كتير جدا ..

وانتو كمان تقدروا متجزعوش من اي مشكلة تحصل معاكم

اصبروا .. 


افتكروا مرضى السرطان وأصحاب الهمم في دعائكم دايما ..



Report Page