...........................👇🏿

...........................👇🏿

(إن الائتمان يعني تسليم المؤتمن ماله إلى المؤتمن لديه ليحتفظ به كأمانة على أن يعيده إليه كما هو عندما يطلبه منه المؤتمن ومن ثم …

......................

 .............

المحكمة العليا

حكومة السودان /ضد/عوض علي عمر

م ع/ف ج/48/1406هـ

المبادئ:

إجراءات جنائية : المادة 152 ضرورة التقيد بأحكام المادة 152 من قانون الإجراءات الجنائية

قانون جنائي : خيانة الأمانة – لا يعتبر الشريك مؤتمناً على مال الشركة ويجوز له التصرف فيه وفقاً لشروط عقد الشركة

2- يجب على قاضي الجنايات وهو يمارس سلطته تحت المادة 152 من قانون الإجراءات الجنائية التثبت والتأكد من أن الشكوى تنهض على دلائل مبدئية وأن النزاع ذو طبيعة جنائية وليست مدنية

1- إن الائتمان يعني تسليم المؤتمن ماله إلى المؤتمن لديه ليحتفظ به كأمانة على أن يعيده إليه كما هو عندما يطلبه منه المؤتمن ومن ثم لا يعتبر الشريك كقاعدة عامة مؤتمناً على مال الشركة لأنه شريك فيه ويجوز له التصرف وفقاً لشروط عقد الشركة

 

الحكـــم

التاريخ : 6/2/1986م

القاضي : علي يوسف الولي

هذا الطلب تقدم به لهذه المحكمة عن طريق الفحص الأستاذ محمد سعيد بدر محامي الشاكي الأمين يعقوب محمد تبيدي طاعناً في حكم محكمة الاستئناف الخرطوم القاضي بإلغاء حكم محكمة الخرطوم الجنائية رقم (11) وقد سبق أن أدانت محكمة الموضوع المتهم عوض علي عمر تحت المادة 348 من قانون العقوبات لسنة 1983م ( خيانة الأمانة ) وقضت المحكمة بجلده والسجن لمدة عام والغرامة 105 ألف جنيه وبعدم الدفع السجن لمدة خمسة سنوات أخرى على أن تحصل الغرامة بالحجز على ممتلكاته وإذا دفعت أو حصلت يدفع منها للشاكي مبلغ 101087 جنيه عند الاستئناف ألغت محكمة الاستئناف الخرطوم الإدانة والعقوبة تأسيساً على أن طبيعة العلاقة بين الشاكي والمتهم كانت شراكة وليست أمانة ونصحت الشاكي بأن يتقدم بدعوى مدنية طالباً فض الشراكة

ينعى المحامي بدر على حكم محكمة الاستئناف بما نوجزه في الآتي :

1-أن محل الشراكة عبارة عن محل لبيع الذهب وليست محلاً تجارياً يتعامل في أصناف عدة حتى يمكن القول معه بأنه لا يمكن الفصل في النزاع إلا عن طريق مصفي أو مراجع قانوني

2- أن الشراكة لم تتضمن استخدام المبلغ المورد من محلات الشاكي التجارية في تمويل شراء الذهب بل كان ذلك المبلغ يورد للمتهم على سبيل الأمانة

3- أن النزاع ليس بصدد تصفية الشركة ومن ثم فإن توجيه محكمة الاستئناف للشاكي برفع دعوى مدنية بذلك جاء في غير محله لأن الشراكة قد تمت تصفيتها بالجرد إن النزاع ينحصر في تحويل المتهم 35 أوقية ذهب لمنفعته الشخصية وهذا الذهب هو الفرق بين ما تم جرده عند الشراكة وما استلمه الشاكي بعد الجرد وأما المبلغ المورد من محلات الشاكي التجارية للمتهم ثابت في دفاتر المتهم المقدمة لمحكمة الموضوع وقد تصرف في ذلك المبلغ لمصلحته الشخصية ودفاع المتهم بأنه استخدم ذلك المبلغ في شراء الذهب لمصلحة الشراكة لا يقوم على أساس

نوجز الوقائع في أن الأستاذ جلال علي لطفي محامي الشاكي الأمين يعقوب محمد تبيدي بتاريخ 10/10/1984م تقدم نيابة عن الشاكي بعريضة جنائية لقاضي جنايات الخرطوم شمال يطلب فيها فتح بلاغ ضد المتهم عوض علي عمر بجريمة خيانة الأمانة المعرفة في المادة 347 قانون العقوبات لسنة 1983م والمعاقب عليه في المادة 348 من نفس القانون ذلك لأن الشاكي بتاريخ أكتوبر 1983م اتفق مع المتهم على أن ينشئ له دكاناً ليمارس فيه المتهم أعمالاً تجارية في مجال الصياغة لقاء 25% أوقية من الذهب عيار 18 كرأس مال

في يوم الجمعة 5/4/1984م قام الطرفان بجرد الدكان ويسلم الشاكي للمتهم الذهب الذي وجده الشاكي بحيازة المتهم على أن يحتفظ به لديه على سبيل الأمانة وألا يتصرف فيه إلا بتعليمات منه إلا أنه عندما أرسل الشاكي ابنه لاستلام الذهب من المتهم أعطاه الذهب ناقصاً كما رفض المتهم أن يسلم للشاكي المبالغ الموردة له من فروع تجارية خاصة بالشاكي

بناءً على هذه الشكوى قام قاضي الجنايات بعمل الإجراءات الآتية :

( في حضور الشاكي على اليمين أيد ما جاء بالعريضة )

أمر :

( الشرطة لفتح بلاغ 348 ع )

الثابت بالدليل القاطع أن علاقة الائتمان بين الشاكي والمتهم فيما يتعلق بالذهب والإيرادات الواردة للمتهم من محلات الشاكي التجارية لم تثبت دون مرحلة الشك المعقول كما أن سوء القصد الشرط الأساسي لجريمة خيانة الأمانة من جانب المتهم غير ثابت مما جعل العلاقة بين المتهم والشاكي لا تعدو أن تكون علاقة شراكة فقط ومن ثم فهي علاقة مدنية بحتة محل الفصل فيها المحاكم المدنية وليست المحاكم الجنائية

الأسباب

باستقراء المحضر الذي أعدته محكمة الموضوع ومذكرة محكمة الاستئناف نقرر في اطمئنان أن النزاع ذو طابع مدني بحت من ثم فإن قرار محكمة الاستئناف ببراءة المتهم من طائلة المادة 348 من قانون العقوبات لسنة 1983م جاء في محله

بالإطلاع على نص المادة 347 من قانون العقوبات لسنة 1983م التي تعرف جريمة خيانة الأمانة المعاقب عليها في المادة 348 من نفس القانون نجد عنصرين أساسيين لهذه الجريمة هما (1) الائتمان (2) سوء القصد الجنائي لم يتوفر في النزاع الذي بين أيدينا

إذا لم تثبت علاقة الائتمان بين الشاكي والمتهم وجبت براءة المتهم من جريمة خيانة الأمانة ووجب الحكم بأن العلاقة بين الطرفين باتت مدنية بحتة مهما كان تعطيل الإجراءات المدنية فقد جاء في قضية حكومة السودان ضد مالك محمد إبراهيم مجلة الأحكام القضائية السودانية 1975م ص 612 – 613 ما يؤيد هذا النظر :

( إن الناس قد يلجئون للطريق الجنائي لأنه أسرع مدعين أن هناك أمانة لفتح بلاغ جنائي وأن هذا يتطلب من المحاكم أن تدقق في الشكاوى من هذا النوع لمعرفة الخيط الفاصل بين ما هو مدني وما هو جنائي والتوجيه باللجوء للقانون المدني مهما كان التعطيل الذي سيحدث )

إن الائتمان يعني تسليم المؤتمن ماله إلى المؤتمن عليه ليحتفظ به كأمانة على أن يعيده له كما هو عندما يطلبه منه المؤتمن وإذا كان ذلك كذلك فإن الشريك لا يعتبر مؤتمناً على مال الشراكة لأنه شريك في ذلك المال ويجوز له التصرف حسب الخطة المتفق عليها لازدهار الشراكة وعليه في قضية حكومة السودان ضد علي الأمين العربي مجلة الأحكام القضائية السودانية 1976 ص 615 قضت المحكمة العليا بأن تصرف الشريك في مال الشراكة لا يعتبر خيانة أمانة وقالت المحكمة ما يلي :

( فقد جاء على لسان المبلغ نفسه أن المتهم كان شريكاً في الأبياح فإذا كان المتهم شريكاً ظهر فإن أهم عناصر المادة 347 عقوبات وهي الائتمان ولم يستوف فالمتهم صاحب رخصة ويتعامل مع المبلغ حسب أسس التعامل التجاري المعروفة وعليه فلا يمكن أن يقال أنه كان مؤتمناً على مال )

والسؤال الذي يثور ما إذا كان المتهم في هذه القضية التي بين أيدينا ما زال شريكاً مع الشاكي بالنسبة للذهب والمال كما يرى الدفاع أم أنه لم يعد شريكاً بالنسبة للذهب بعد الجرد الذي أجري في يوم الجمعة 5/4/1984م وأن الشاكي سلم له ذلك الذهب على سبيل الأمانة ونه لم يعد شريكاً مع الشاكي على المال الذي كان عبارة عن إيرادات وردت للمتهم من المحلات التجارية الخاصة بالشاكي كما يرى الاتهام ؟؟

إن الجرد الذي ادعى الشاكي بأنه أجراه صبيحة يوم الجمعة 5/4/1984م حتى ولو كان ثابتاً فإنه لم يؤد إلى نهاية الشراكة بين الشاكي والمتهم بالنسبة للذهب فلم ينه الشاكي الشراكة بصورة إيجابية ولم يوقف المتهم من الاستمرار فيها ومن ثم لا يعتبر ذلك الجرد تصفية نهائية لتلك الشراكة بين الشاكي والمتهم فيما يتعلق بالذهب فيقول الشاكي على ص 7 – 8 من محضر المحاكمة ما يلي :

( في يوم الجمعة جردنا المحل الذهب فكان 188 أوقية وسألته عن إيرادات الجماعة فقال عندي أيضاً فطلبت منه أن يترك الذهب والمبلغ أمانة بالخزنة وأنا سأقوم للصلاة وعندما أحضر ياسر الذهب شكيت فيه فوزنت الذهب وجدناه 153 أوقية معناه ناقص 35 أوقية من الجرد الأول  المحلات محتاجة للمواد أنا لا أعطيهم قيمة المواد )

ويقول المتهم عند استجوابه لمحكمة الموضوع على ص 72 – 73 من المحضر :

( ذكر لي الشاكي أن أدخل الإيرادات في شراء الذهب وسيحاسبني آخر سنة لم يتم جرداً أصلاً

جاء الشاكي يوم الجمعة وطلب وزن الذهب وكان يكتب في ورقة ولا أعرف وزن الذهب وأصبحت يوم السبت شغال اعتيادي بعد أن وزن الشاكي الذهب ترك الذهب عندي جملة الإيرادات التي استلمتها 67294 وقد استلم مني الشاكي 12 ألف و200 جنيه استلم مني (287 ونص) عبارة عن آخر توريد )

والمحكمة تتساءل لماذا ترك الشاكي الذهب لدى المتهم بعد الجرد ؟؟؟

وكان حرياً به أن يأخذه ويحتفظ به بعيداً عن المتهم إن كان فعلاً ينوي فض الشراكة

وأما فيما يتعلق بالمال المورد من محلات الشاكي فإن رواية المتهم بأن الشاكي خول له إدخال ذلك المال في الشراكة لها ما يؤيدها من القرائن والظروف والملابسات المحيطة بالقضية ذلك أن المتهم بإقرار الشاكي كان يدفع إلى الذين يقومون بأعباء تلك الأعمال التجارية رواتبهم وحقوقهم كما أنه كان يشتري المواد اللازمة لتلك المحلات التجارية ومن ثم فإن الشاكي لم يأتمن المتهم على ذلك المال وحتى بعد الجرد لم يوضح الشاكي قدر ذلك المبلغ الذي استحقه كإيرادات من محلاته التجارية

أيضاً لم يتوفر سوء قصد المتهم في تحويل الذهب والمال الوارد من محلات الشاكي التجارية إلى منفعته الشخصية كما لم يتوفر سوء قصده في التصرف في ذلك المال ومن ثم لم يرتكب المتهم جريمة خيانة الأمانة ففي قضية حكومة السودان ضد محمود أحمد عبد الغفار مجلة الأحكام القضائية السودانية 1976م ص 628 قضت المحكمة العليا بأن سوء القصد هو شرط أساسي من شروط جريمة خيانة الأمانة وفي خيانة الأمانة هنالك فرق بين المسئولية المدنية والمسئولية الجنائية وهذا الفرق بينهما يكمن في برهان القصد الجنائي في الحالة الأخيرة وأن عبء إثبات سوء القصد يقع على عاتق الاتهام ليقدم من البينات دلالة ما تجعل المحكمة تتوصل إلى إثبات التهمة بالمعنى الجنائي وفي قضية حكومة السودان ضد إنصاف حسن كرار مجلة الأحكام القضائية السودانية 1974م ص 423 جاء ما يلي :

( والنزاع حول الحقوق مكانه المحاكم المدنية ما لم يوجد القصد الجنائي )

وفي قضية حكومة السودان ضد محمد أحمد نور الجليل نشرة الأحكام الشهرية يناير – فبراير – مارس 1979 ص 209 قضت المحكمة شعب هي الحصول على كسب غير مشروع للنفس والثانية حصول غيره على كسب غير مشروع وثالثهما تسبيب خسارة غير مشروعة لغيره والمادة 18 من قانون العقوبات لسنة 1983م تنص على أنه يقال عن الشخص أنه فعل شيئاً بسوء قصد إذا فعله بقصد الحصول على كسب غير مشروع لنفسه أو لغيره أو بقصد التسبب في خسارة غير مشروعة لشخص آخر والمادة 17 من نفس القانون تنص على أن الكسب غير المشروع هو التوصل بطريق غير مشروعة إلى كسب لا يستحقه قانوناً الشخص الذي كسبه والخسارة غير المشروعة هي الخسارة الناشئة عن استعمال طرق غير مشروعة في مال يستحقه قانونًا الشخص الذي خسره يقال عن الشخص أنه أصاب كسباً غير مشروع سواء حصل على المال أو احتجزه بطريق غير مشروع يقال عن الشخص أنه خسر خسارة غير مشروعة إذا حرم من ماله أو منع عن طريق غير مشروع وفي قضية حكومة السودان ضد شرف الدين فرح جبارة مجلة الأحكام القضائية السودانية 1974 ص 397 قضت المحكمة العليا بأنه استقرت الأحكام في جرائم خيانة الأمانة على أن اللجوء للمراوغة واختلاق الأعذار والتبريرات والواهية غير المحددة من جانب المتهم يعتبر في حد ذاته دليلاً على القصد الجنائي للمتهم وليس من الضرورة إثبات هذا القصد بتقديم دليل مباشر أو شاهد عيان وأن تقديم أي عذر أو تبرير محدد ومقبول منطقياً يعتبر أساساً كافياً لنفي القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة حتى لو قام ذك العذر أو التبرير على فهم خاطئ من جانب المتهم أو مطالبة بفوائد غير مستحقة وبناء على ذلك فإن ما امتلكه المتهم بشبهة حق يعتبر أمراً مدنياً لا جريمة فيه تطبيقاً لقاعدة العذر المعقول

ففي القضية التي بين أيدينا فشل الاتهام في إثبات أن المتهم تصرف في الذهب والمال المورد له من محلات الشاكي التجارية بسوء قصد حسب المفهوم القانوني كما سلف بيانه فهو ما زال يصر على أن الشراكة قائمة في الذهب والمال وأنه لم يحول شيئاً لمنفعته الخاصة وأن أعمال الشراكة التجارية تقوم على قدم وساق إلى أن تصفى رسمياً فلم يراوغ المتهم ولم يختلق الأسباب والمبررات المنطقية ليثبت ضياع الذهب والمال بل بالعكس فقد أبدى المتهم تبريرات محددة ومقبولة منطقياً عندما أفاد بأن الشاكي أخذ منه بعضاً وأدخله في إطار الشراكة

إن الاتهام يرى أن المتهم استغل الذهب والمال موضوع الشراكة في مآربه الخاصة بأن تزوج زواجاً فاخراً وفرش شقة فرشاً ثميناً وبدأ يعيش في بذخ وترف ونعيم و ليس هناك دليل مباشر لإثبات هذه الوقائع ولإثبات استغلال المتهم للذهب والمال والسند هو قرائن الأحوال والظروف والملابسات ولكن القاعدة بالنسبة للبينة الظرفية هي أنه يجب ألا يعول عليها في إدانة المتهم إلا أن تكون هناك وقائع ثابتة دون شك معقول لنستنتج منها الواقعة المراد إثباتها وأن يكون الاستنتاج المستقى من تلك الوقائع متعارضاً مع براءة المتهم ولكن القرائن هنا في هذه القضية التي بين أيدينا يحوطها الشك المعقول لصالح المتهم وأن ذلك مجرد ظن والظن لا يغني من الحق شيئاً وأن ذلك مجرد شبهة وتهمة والتهمة لا ترقى لإثبات الجريمة

لهذه الأسباب فإن هذا النزاع الذي بين أيدينا لا يعدو أن يكون نزاعاً حول حقوق مدنية بين الشاكي والمتهم والحقوق المدنية كما أسلفنا محل الفصل فيها المحكمة المدنية وليست المحكمة الجنائية

نلاحظ أن قاضي الجنايات الذي أمر بفتح هذا البلاغ لم يتبع الإجراءات السليمة في هذه الحالة التي نصت عليها المادة 152 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1983م ولو فعل ذلك لما أمر بذلك ولاقتنع وهو يأخذ علماً بالجريمة بناءً على تلك الشكوى بأن النزاع ذو صفة مدنية ولأمر بحفظ الشكوى في مهدها إن قاضي الجنايات بسرعة وفي عجالة أمر بفتح البلاغ وكان يتعين عليه أن يراعي ضوابط المادة 152 من القانون المذكور إن الأمر بفتح البلاغ بهذه الصورة غير قانوني لأنه تواتر واستقر قضاؤنا على قاعدة أن القاضي الذي يأخذ علماً بجريمة بناء على شكوى يتعين عليه أن يتبع جميع الإجراءات المنصوص عنها في المادة 152 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1983م وإن لم يفعل ذلك فإن أمره بفتح البلاغ بناءً على تلك الشكوى بات باطلاً لأن تلك الإجراءات ليست شكلية بل موضوعية لم يصفها المشرع اعتباطاً وعبثاً بل لها أهميتها ووزنها في تحقيق العدالة والإنصاف يجب على قاضي الجنايات وهو يمارس سلطاته بمقتضى المادة 152 من القانون المذكور التثبت والتأكد والتيقن من أن الشكوى تنهض على أسس قانونية مبدئية وأن النزاع جنائي وليس مدنياً أو إدارياً وأن هناك تهمة مبدئية تبرر إصدار الأمر بفتح البلاغ حتى لا يتخذ قاضي الجنيات قراراً في تسرع ودون روية بما يعود على المشكو ضده بالضرر لأن فتح البلاغ ضد المواطن له علاقة وثيقة بحريته الشخصية وكرامته الإنسانية من حيث أن فتح البلاغ يمثل في حد ذاته بداية الإجراءات الجنائية الخطيرة وما يترتب عليها من قبض وتفتيش بالحراسة رهن التحري أو رهن المحاكمة وفي ذلك من الإجراءات المقيدة لحريات المواطن ففي قضية حكومة السودان ضد الأمين داوود محمد مجلة الأحكام القضائية 1976م ص 681 قضت المحكمة العليا بأن المقصود بالاستجواب هو أن يكون بصورة تفصيلية توضح كل جوانب وأركان الجريمة المدعى وقوعها ومن بين ذلك أن تكون واقعة على الشخص الذي تقدم بالعريضة إلى مدى توفر الصفة القانونية لرفع الدعوى كما قضت المحكمة العليا في نفس السابقة بأن إغفال مثل هذه الأشياء يطل الأمر بفتح البلاغ لأن ما جاء في المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية (1974) ( البديل لهذه المادة هي 152 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1983م ) وليسا إحكاماً شكلية لا يلتفت إليها وإنما أمر هام ويجب التقيد بها في كل حالة وقالت المحكمة العليا في تلك السابقة ما يلي :

( ومن اطلاعنا على المحضر لاحظنا أن قاضي الجنايات الذي صرح بفتح البلاغ على العريضة المقدمة من الشاكية لم يقم باستجوابها وفقاً لنص المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية وإنما اكتفى بالجملة التقليدية وحلف الشاكي وأيد ما ورد في العريضة )

وفي قضية حكومة السودان ضد حياة موسى النور بمجلة الأحكام القضائية السودانية 1977 ص 66 قالت المحكمة العليا : -

الإجراءات التي اتخذت في هذه الشكوى التي تقدمت بها الشاكية خاطئة منذ البداية فقد كان لزاماً على السيد القاضي الذي تسلم عريضة الشكوى أن يسير فيها وفقاً للمادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك بأن يستجوب الشاكية فوراً بعد تحليفها اليمين وأن يدون الشكوى وملخص الاستجواب كتابة في محضر توقع عليه الشاكية أو تختم ولكنه بدلاً من ذلك اعتمد على تعبير مقتضب يشير فقط مجرد إشارة إلى محتويات العريضة وهذا حسب صيغة المادة المشار إليها لا يكفي ولا يخدم الغرض المطلوب

لما تقدم نقرر الآتي :

1- تأييد قرار محكمة الاستئناف ببراءة المتهم من طائلة المادة 348 من قانون العقوبات لسنة 1983م

2- تأييد قرار محكمة الاستئناف بتوجيه الشاكي بإقامته دعوى مدنية لحل الشراكة بخصوص الذهب والمال المورد للمتهم من محلات الشاكي التجارية وتصفيتها نهائياً

https://telegra.ph/


Report Page