*/

*/

From

حكم الطلاق الثلاث بلفظٍ واحدٍ

لعلامة المغرب الإسلامي محمد بن علي فركوس حفظه الله ورعاه

السؤال:

( ما حكمُ الطلاق الثلاث باللفظ الواحد؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فمسألةُ الطلاق الثلاث بلفظٍ واحدٍ مسألةٌ كثيرةُ النُّقُول، وطويلةُ الذيول، قديمةُ الخلاف، ومُتشَعِّبةُ الأطراف؛ وأقوى الأقوالِ فيها حُجَّةً وأَصَحُّها نَظَرًا مذهبُ القائلين بأنَّ الطلاقَ الثلاث بكلمةٍ واحدةٍ، أو بكلماتٍ في مجلسٍ واحدٍ مِن غيرِ تَخَلُّلٍ برجعةٍ لا يقع إلَّا طلقةً واحدةً، وهو مذهبُ أهلِ التحقيق، وبه قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية وتلميذُه ابنُ القيِّم، ورجَّحه الشوكانيُّ ـ رحمهم الله تعالى ـ.

هذا، وعُمْدَةُ رأيِهِم حديثُ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما الثابتُ في «صحيح مسلمٍ» وغيرِه بإسنادٍ كُلُّ رجاله أَئِمَّةٌ: أنَّ أبا الصهباءِ قال له: «أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الثَّلَاثَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا تُرَدُّ إِلَى الوَاحِدَةِ؟» قَالَ: «نَعَمْ»(١). وللحديث ألفاظٌ وأسانيدُ، وهو واضِحُ الدلالة على اعتبارِ الطلاق الثلاث بكلمةٍ واحدةٍ على عَهْدِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأبي بكرٍ طلقةً واحدةً، وهو الحكمُ المُعوَّلُ عليه الذي أَقرَّه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَمَّ إجماعُ الصحابة عليه، وأمَّا ما أَمْضاه عمرُ بنُ الخطَّاب رضي الله عنه ثلاثًا فعلى سبيلِ العقوبة لاستهانتهم بأَمْرِ الطلاق، ولم يأتِ مَن حَاوَلَ التخلُّصَ عنه بِحُجَّةٍ تَنْفُقُ.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.)

الموقع الرسمي للشيخ محمد بن علي فركوس حفظه الله

الجزائر في: ١٨ صفر ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٧ مارس ٢٠٠٧م

{ ملاحظة }

( أما إذا كرر الطلاق فإنه يقع، إذا كرره على وجه يغاير فيه الثاني الأول، والثالث الثاني، كأن يقول: طالق، ثم طالق، ثم طالق، أو طالق وطالق وطالق، هذا تقع الثلاث على المعتمد وهو الذي عليه جمهور أهل العلم، ومثله لو قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فإنها جمل ثلاث تامة فيقع بها الطلاق، إلا إذا أراد بالثانية والثالثة التأكيد، أو إفهام المرأة فله نيته، أما إذا قال: أنت طالق طالق طالق بغير واو ولا ثم ولا إعادة المبتدأ بل قال: أنت طالق طالق طالق، أو أنت مطلقة مطلقة مطلقة، فهذا ذكر فيه أهل العلم: أنه لا يقع به إلا واحدة؛ لأن الكلمة الثانية المعادة والثالثة بدون إعادة الجملة وبدون إعادة المبتدأ لا تقع إلا مؤكدة، أنت طالق طالق طالق، أنت مطلقة مطلقة مطلقة، أو هي مطلقة مطلقة مطلقة، وليس له نية الثلاث، فهذا الصواب فيه أنه يعتبر واحدة، حتى عند من أوقع الثلاث بكلمة واحدة؛ لأن هذا لم يقصد الثلاث وإنما كرر اللفظ لغضبه أو لأسباب أخرى لم يقصد به إيقاع الطلاق، فهذا يعتبر واحدة، كما لو قال: زيد زيد زيد في الكلام، مثل ما جاء في حديث عائشة: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل، مثل هذا يستعمل للتأكيد، فالصواب في هذا أنه يحكم بأنه واحدة ويكون اللفظ الثاني والثالث مؤكد للفظ الأول )

الموقع الرسمي للشيخ بن باز رحمه الله.

Report Page