..

..


" إنتي بتعملي إيه طول النهار؟ "


راجع من الشغل مخنوق لاقيت مراتي قاعدة في جنب بتعيط من تعبها وإرهاقها، في الحقيقة مـش أول مرة أقولها الجملة دي وكان كل كلامي عدم تقدير لمجهودها لمجرد إنها قاعدة في البيت. 


وفي يوم كنت في عزومة عند ناس قرايبنا ولإن ابني" عُدي "

قريب من قلبي خدته معايا .. وكمان هو خفيف الظل والكل بيستلطف كلامه وبيحبوا يهزروا معاه. 

خلصنا أكل وقاعدين بنشرب الشاي لاقيته قام مرة واحدة وقال " يلا يارجالة صلاة العشاء! "

فرد صاحبي وقاله " إيه ياشيخ عُدي مستعجل كدا ليه؟ "

- بقى ربنا ينادي علينا ونتأخر ياعمو؟ 

طيب ياسيدي سجادة الصلاة جوا في الصالون، روح صلي. 

- هو حضرتك مبتصليش؟ 

فلاقيت عمر صاحبي بص للأرض وبلع ريقه بصعوبة وحـاول ينسج كلام ويغيَّر الموضوع. 

- راح عُدي مسك إيده وقعد على رجله ولف رأسه ناحية عمر بتركيز وقاله " عارف حُكم تارك الصلاة إيه ياعمو؟ "

فرديت وقولت " كاف... "

رد عُدي بنرفزة وقالي: 

" لا يابابا ماما كانت قايلالي إننا لو شوفنا حد مش بيصلي لازم ننصحه باللين الأول ونفضل نحاول معاه لحد ما يصلي ولما يدوق حلاوة الصلاة ويهجرها في الوقت ده بقى نقوله إنه نقض العهد بتاع ربنا "

وماما حفظتني وقالتلي في مرة:

" إن الوضوءُ سببًا للمغفرةِ، والمشيُ إلى الصلاة يرفعُكَ درجةً ويحطُّ عنك سيئةً وانتظارك للصلاةِ بعد الصلاةِ رباط والدعاءُ بين الآذانِ والإقامة لا يُردُّ، وبعد الصلاةِ تدعو الملائكةُ لكَ ما دمت في مصلّاك! "

- فما بالك بقى يابابا بالصلاة نفسها؟"

فجأة لاقيت صاحبي باس رأسه وقالي " يلا ياسعد نتوضى "

وإحنا في طريقنا للمسجد عُدى وقف قدام بيت عمر وقال: 

" عِد الخطوات بتاعتك ياعمو وأنت تعرف خدت كام حسنة "


وبدأنا فعلاً نعِد ومبسوطين بعدد الحسنات وكأننا أطفال! 


ولما دخلنا المسجد عمر قال لعُدي: 

" ادعيلي ربنا يرزقني بأطفال حلوين زيك كدا ياعُدي "


لاقيت عُدي ابتسم وقاله " اوعدني الأول متسيبش ولا فرض وأنا ادعيلك تجيب أطفال كتير وربنا هيستجابلي كمان "

لاقيت عمر بيضحك بعفوية وبيقوله: 

" ده أنت واثق بقى؟ "

لاقيت عُدي سكت لثواني وبعدين رفـع شعره مـن على عينه 

وقال لعمر " طيب لو ربنا مسمعمش كلامي وجابلك أطفال متصليش تاني اتفقنا؟ "

راح عمر حاطط إيده في إيد عُدي وسلِّم عليه وقاله " اتفقنا "

بدأنا الصلاة وأنا ساجد سمعت ابني بيدعي وبيقول: 

" يارب لو بتحب عُدي ارزق عمو عمر أطفال عشان يصلي كل يوم وادخل الجنة أنا وبابا وماما "

أول ما سمعته لاقيت نفسي انفجرت في العياط وهنا عرفت إجابة السؤال اللي كنت برميه في وش مراتي زي السكينة! 

" إنتي بتعملي إيه طول النهار؟ "


وعرفت هي فعلاً بتعمل إيه! 

بتخلف وتربي عشان لما أخد ابني معايا ويشرفني يتقال إن أنا اللي ربيت ويدعولي، بتصبن وتغسل عشان أطلع نضيف وبشكل مُهذَّب ومُنسَّق ويتقالي " إيه الشياكة دي؟ " 


" في الحقيقة إن هي جزء النور المخفِّي اللي بينعكس عليا أنا قدام الناس "


وإحنا راجعين البيت خدت عُدي أفخم محل ألعاب وقولتله يختار لعبة بيحبها، والغريب إنه رفض وقالي: 

" أنا عاوز تحفة الأطفال عشان ماما تحفظهالي "

لاقيت عيوني دمعت وروحت معاه فعلاً وجبتهاله. 

وبعدين روحت محل هدايا نسائي وجيبت بوكس كامل مليان مستحضرات وشكولاتة، فحسيت قد إيه الهدية مش هتليق بيها فروحت سحبت من الفيزا فلوس وجيبتلها " خاتم دهب " 


ولما رجعت لاقتيها بتتنطط وبتبوس راسي وإيدي، خدتها في حضني وقولتلها " حقك عليا "

ردت بفرحة وقالت " الدنيا كلها متساويش حاجة قدام الكلمة دي منك " 

بقيت كل ما أخرج وحد يفرح بأخلاق عمر أقوله ببساطة: 

" ادعي لمراتي الشجرة الطيبة اللي أخرجت الثمرة دي "•


كل ما أفتح فيس بوك ويقابلني أي بوست عن الزوجة أعملها منشن وأقولها " لاقيت حظّ الدنيا فيكي " 

ومعنديش أي مانع كل دقيقتين أقولها كلام يفرحها وأطبطب على قلبها ووجعها .. وفي يوم قاعدين سوا قدام كرتون عُدي بيحبه لاقيت عمر بيتصل وبيقولي " عاوز أكلم عُدي! "


وبعد شوية لاقيت عُدي قاله:

" ربنا رزقك بنونو أهو وأنت كمان متقصرش في حق ربنا تاني ياعمو "


فشديته بفرحة وفخر وقعدت أبوس فيه وأشجعه وأقوله:

" عارف ياعُدي، زمان النبي فرحان بيك أوي " ♥.

رد وقالي " عارف يابابا عشان كل شوية بصلي وأسلم عليه "


فبصيت لمراتي وملامحها بتحلو وبتتورد من تاني زي الزهرة.

وهنا أدركت كويس جدًا إن:


الحب ليس أن تكن بجانب من تُحب 

          ولكن الحب هو أنك تُجيد الحضور 


Report Page